من رذائل بني إسرائيل التي وقعوا فيها نتيجة جهلهم، وفسوقهم، وجشعهم، وضعف إرادتهم رذيلة التحايل على هدم الشرائع، ليصلوا إلى مطامعهم وشهواتهم، ظانين لجهلهم وعدم فقههم أنهم عن طريق ذلك التحايل المحرم سيفلتون من المؤاخذة والعقوبة، وقصة أصحاب السبت التي ورد ذكرها في القرآن، أكبر دليل على تلاعبهم بالدين، وتهالكهم على الدنيا
والحديث عن أصحاب السبت، قد جاء ذكره مفصلاً فى كتاب الله(واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاًوَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ . وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ . فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) (163: 165الأعراف)
وتفصيل هذا الاعتداء الذي حصل منهم فى يوم السبت أنهم قد حفروا حياضاً إلى جانب البحر، الذي كانت تكثر فيه الأسماك في هذا اليوم، فكانت المياه تنساب إلى تلك الحياض في يوم السبت مع ما تحمله من الأسماك الكثيرة، ثم إذا أرادت الرجوع للبحر لا تستطيع لضآلة الماء الذي بالحياض، فتبقى فيها إلى أن يصطادوها بعد يوم السبت، وصنيعهم هذا ظاهره امتثال أمر الله تعالى، لأنهم لم يصطادوا في يوم السبت، وحقيقته أنه مجاوزة لما حرَّم الله عليهم من الصيد، فإن حجزها في الحياض صيد لها في المعنى والحقيقة
قال الإمام القرطبي عند تفسيره الآية الكريمة( إن بني إسرائيل افترقت ثلاث فرق فرقة عصت وصدت، وكانوا نحواً من سبعين ألفاً، وفرقة نهت واعتزلت وكانوا نحواً من اثني عشر ألفاً، وفرقة اعتزلت ولم تنه ولم تعص، وأن هذه الطائفة هي التي قالت للناهية لم تعظون قوماً عصاه، الله مهلكهم أو معذبهم على غلبة الظن، وما عهد حينئذ من فعل الله تعالى بالأمم العاصية )
ثم بين سبحانه وتعالى عاقبة كل من الفرق الناهية والعاصية فقال تعالى (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ) (165الأعراف)، أي فلما لجَّ الظالمون في طغيانهم وعموا عن النصيحة، أنجينا الناصحين، وأخذنا العادين بعذاب شديد لا رحمة فيه، بسبب خروجهم على أوامر الله