[frame="4 10"][SIZE="5"][CENTER]لماذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل؟ ولماذا اختبأ ولم يتوجه مباشرة إلى المدينة ويأخذها في لحظة؟ أو في لمح البصر؟ لماذا؟
من أجل أن يعطي الفرصة للضعفاء ، وهذه هي السنة التي علمها الله للهداة المهديين والعلماء العاملين في كل زمان ومكان وهي: {أقدر القوم بأضعفهم فإن فيهم الكبير والسقيم والبعيد وذا الحاجة}{1}
وليس في التقدير عند المشى فقط أو الحركة فقط بل يتجاوز ذلك ، بل الذي يصلي قال له:
{إِذَا صَلَّىٰ أَحَدُكُمْ بالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ ، فَإِنَّ فِيهِمُ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالْكَبِيرَ ، وَإِذَا صَلَّىٰ أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ}{2}
هذه هي السنة أن نأخذ الناس باليسر ، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ نفسه بالعزيمة والقوة ، ويأمر غيره باليسر السمعوا له إذ يخاطب سيدنا أبا هريرة قائلاً: {يا أبا هريرة إذا كنت إماما فقس الناس بأضعفهم} وفي لفظ {فاقتد بأضعفهم}{3}
وعلَّم أصحابه على هذه الطريقة الإلهية وعلى هذه الهداية الربانية حتى يكونوا صورة من رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم للخلق أجمعين
وخذوا مثالً آخرا فى أمر أدق ، كيف يتعامل أححدنا مع زوجته؟ قد كان صلى الله عليه وسلم عندما يريد أن يخلد للنوم عند السيدة عائشة ينام على سريرها ويتغطيا بغطاء واحد ثم يقول لها: {يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي}{4} وفى رواية :{أئذنى لى ياعائشة أن أتعبد لربى الليلة؟}
يستأذنها لا ينهرها ولا يقول لها سوف أقوم الليل فلماذا تنامي؟ سوف تذهبن إلى جهنم ، تعالِى معي أويضربها وإنما يأخذ نفسه بالأشد ويتركها على راحتها لأنها أدت فرض الله أما السنن فالأمر فيها على السعة فمن قدم فيها فإنما يقدم لنفسه ومن أخر فربما لعذر لا أعلمه أنا وتلك هى السنة
وليس كل إنسان يستطيع أن يتحدث بعذره فإن الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه وأرضاه إمام دار الهجرة كان يخرج ليصلي الجُمع والجماعات وكان يشيع الجنازات ويعزي المصابين وبعد فترة ترك الجماعة وكان يصلي في منزله ولا يخرج إلا للجمعة وترك تشييع الجنازات وطبعاً أشيع من المريدين القيل والقال ولما اقترب خروج روحه وبجواره أعز تلامذيه قال لهم: لو لا أن هذه الساعة هي التي أقابل فيها الله ما حدثتكم عن عذري
وكان تلاميذه عندما يسألونه قبل ذلك يقول لهم: {ليس كل عذر يستطيع الإنسان أن يتحدث عنه} والمؤمن كما ورد فى الأثر: {المؤمن عذري} يعني يلتمس العذر لإخوانه المسلمين قالوا له: ما الذي منعك؟ قال: أنا مصاب بسلس البول منذ كذا وكذا سنة وإذا حضرت إلى المسجد فإن الناس لا يتركوني أتخلف عن الإمامة ، والإمامة لا تجب في حقي
ماذا يفعل رضي الله عنه؟ إذا قال عندي سلس البول ، لا يصدقونه سيقولون إنه تواضع أو إنه متكبر لكنه أباح بهذا العذر عند خروج روحه لإخوانه حتى تنشرح صدورهم ويعلمون أن الأئمة الهداة لا يتحركون ولا يعملون عملاً صغيراً أو كبيراً إلا على نور من الله [/SIZE]
[SIZE="3"]{1} رواه الشافعي في مسنده وكذا الترمذي وحسنه ، وابن ماجه والحاكم
{2} أخرجه أحمد والشيخان والترمذي عن أبي هريرة بألفاظ متقاربة
{3} المقاصد الحسنة للسخاوي عن أبي هريرة رضي الله عنه
{4} صحيح بن حبان عن عطاء[/SIZE]